• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الدين الإبراهيمي "الجديد" وحكم التهنئة بالكريسمس

الدين الإبراهيمي الجديد وحكم التهنئة بالكريسمس
د. خالد بن حسن المالكي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/12/2021 ميلادي - 25/5/1443 هجري

الزيارات: 10225

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الدين الإبراهيمي "الجديد" وحكم التهنئة بالكريسمس[1]

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[2].

الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

فإن الخلط بين الأديان يُقصَد به الخلط الذي تفقد معه العقيدة الإسلامية جوهرَها القائم على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، لتصبح الفكرة الرئيسة هي الوصول إلى الله تعالى؛ سواء عن طريق اليهودية أو النصرانية أو الإسلام، فلا فرقَ عند أصحاب هذه الدعوة بين تلك الأديان، فإنما هي - بالنسبة لهم - طرق متعددة متكافئة تدل على الله عز وجل.

 

وهذا الخلط فكرة ضالة قديمة تظهر اليوم بثوب جديد؛ اسمه "الدين الإبراهيمي الجديد"، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام إمامُ الحنفاء كان مسلمًا، وهو بَرَاء من هذا الدين المختلط المشوَّهِ؛ قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آل عمران: 67].

 

فإياك - أخي الحبيب - أن يغرَّك هذا الخلط، الذي سماه القرآن "تلبيسًا"؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 42]؛ قال قتادة رحمه الله تعالى: "لا تَلْبِسُوا اليهودية والنصرانية بالإسلام، إن دين الله الإسلام، واليهودية والنصرانية بِدْعَةٌ ليست من الله".

 

وكيف يختلط الأمر عليك، وأنت تقرأ في سورة الفاتحة في كل ركعة من ركعات صلواتك قوله تعالى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7]، ولا يخفى عليك أن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضلال؛ كما صح بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وكيف يختلط الأمر عليك، وأنت تعلم أن اليهود والنصارى يشركون بالله عز وجل، ويزعمون له الزوجة والولد، ويسيئون معه الأدب سبحانه، وينسبون له البُخل والفقر: ﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 43]، ويخادعونه وهو جل وعلا خَادِعُهُم، ويكذِّبون رُسُلَهُ، ويقتلون أنبياءه، ويعادون أولياءه، ولا يرضون بغير كفر المسلمين بديلًا ليرضَوا عنهم؟

 

قال تعالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 120].

 

وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آل عمران: 118 - 120].


وكيف يختلط الأمر عليك، وأنت تعلم أن الله عز وجل لا يقبل دينَ مَن يفرِّق بين الرسل عليهم الصلاة والسلام في الإيمان، وأنَّ مَن كفر بأيٍّ منهم، فأولئك ﴿ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ﴾ [النساء: 151]؟

 

قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 150، 151].


وكيف يختلط الأمر عليك، وأنت تعلم أن عقيدة المسلم لا تُوجِبُ عليه الإيمان بجميع الأنبياء فحسب، بل توجب عليه إجلالهم وتقديرهم، وتوقيرهم وتعظيمهم التعظيم اللائق بهم؛ لأنهم خير البشر، وصفوةُ الله من خلقه، وهم نور الهداية الذي أضاء الأرض بعد ظُلْمَتِها، وآنسَ القلوبَ مِن وَحْشَتِها، ولا سبيلَ إلى السعادة والفلاح إلا باتباعهم والاقتداء بهم، والاتساء بهديهم؟


فتنبه - رحمك الله وغفر لك - واعلم أن الأمرَ جَلَلٌ، والقضيةَ قضية إسلامٍ وكُفْرٍ، وإيمانٍ ونفاقٍ، لا مجالَ فيها للتنازل أو التساوم أو المفاوضات؛ فهذه أصول الإسلام، ومباني العقيدة، ومفهوم كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، وهي الكلمة التي يجب على جميع العباد تعلُّمُها وفَهمُها، واعتقادها، والعمل بمقتضاها، ومعرفة ما يضادُّها وينافيها والبعد عنه؛ قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "قامت [بكلمة التوحيد] الأرض والسماوات، وخُلقت لأجلها جميع المخلوقات، وبها أرسل الله تعالى رسله، وأنزل كُتُبَه، وشرع شرائعه، ولأجلها نُصبت الموازين، ووُضعت الدواوين، وقام سوقُ الجنة والنار، وبها انقسمت الخليقة إلى: المؤمنين والكفار، والأبرار والفجار؛ فهي منشأ الخَلْقِ والأمر، والثواب والعقاب، وَهِيَ الْحَقُّ الَّذِي خُلِقَتْ لَهُ الْخَلِيقَةُ، وَعَنْهَا وَعَنْ حُقُوقِهَا السُّؤَالُ وَالْحِسَابُ، وَعَلَيْهَا يَقَعُ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، وَعَلَيْهَا نُصِبَتِ الْقِبْلَةُ، وَعَلَيْهَا أُسِّسَتِ الْمِلَّةُ، وَلِأَجْلِهَا جُرِّدَتْ سُيُوفُ الْجِهَادِ، وَهِيَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ، فَهِيَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ، وَمِفْتَاحُ دَارِ السَّلَامِ، وَعَنْهَا يُسْأَلُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، فَلَا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ مَسْأَلَتَيْنِ: مَاذَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ وَمَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ؟ فَجَوَابُ الْأُولَى بِتَحْقِيقِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) مَعْرِفَةً وَإِقْرَارًا وَعَمَلًا، وَجَوَابُ الثَّانِيَةِ بِتَحْقِيقِ (أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) مَعْرِفَةً وَإِقْرَارًا وَانْقِيَادًا وَطَاعَةً".

 

وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى محذرًا من الخلط بين الأديان: "وأما قول القائل: المعبود واحد، وإن كانت الطرق مختلفة، ونحو ذلك من الأقوال والأفعال التي تتضمن إما كون الشريعة النصرانية واليهودية المُبَدَّلَتَيْنِ المنسوختَيْنِ موصلةً إلى الله، وإما استحسان بعض ما فيها مما يخالف دين الله، أو التدين بذلك – كفرٌ بالله وبرسوله، وبالقرآن وبالإسلام، بلا خلافٍ بين الأمة الوسط في ذلك، وأصلُ ذلك المشابهة والمشاركة".

 


وإذا كان دين الإسلام قد جاء ليُخرِجَ العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد، ومن ضيق الدنيا والآخرة إلى سَعَتِهما، فإن الخلط بين الأديان يهدف إلى عكس ما يهدف إليه الإسلام تمامًا؛ أي: إخراج العباد من عبادة رب العباد إلى عبادة العباد، ومن سَعَةِ الدنيا والآخرة إلى ضيقهما؛ قال بكرٌ أبو زَيدٍ رحمه الله تعالى في "الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان": "ولذا يجب على جميع المسلمين الكُفْرُ بنظرية الوحدة بين كل دين مُحرَّفٍ منسوخ مع دين الإسلام الحق المحكم المحفوظ من التحريف والتبديل الناسخ لِما قبله، وهذا من بَدَهِيَّاتِ الاعتقاد، ومُسلَّمات الدين، وأبجديات الإسلام.


وأخيرًا، فإنه يجب على جميع أهل الأرض اعتقادُ أن شريعة الإسلام هي خاتمة الشرائع، ناسخةٌ لكل شريعة قبلها، فلا يجوز لبشرٍ من أفراد الخلائق أن يتعبد الله بشريعة غير شريعة الإسلام.

 

ويجب على جميع أهل الأرض من الكتابيِّيْنَ وغيرهم الدخول في الإسلام بالشهادتين، والإيمان بما جاء في الإسلام جملة وتفصيلًا، والعمل به، واتباعه، وترك ما سواه من الشرائع المُحرَّفة، وأنَّ مَن لم يدخل في الإسلام فهو كافر مشرك، ولا يجوز لأحد من أهل الأرض أن يبقى على أيٍّ من الشريعتين: اليهودية، والنصرانية، فضلًا عن الدخول في إحداهما، ولا يجوز لمتبع أيِّ دين غير الإسلام وصفُهُ بأنه مسلم، أو أنه على ملة إبراهيم.

 

نسأل الله سبحانه أن يهديَ ضالَّ المسلمين، وأن يُذهِبَ عنهم البأس، وأن يصرف عنهم كيد الكائدين، وأن يثبِّتَنا جميعًا على الإسلام، حتى نلقاه، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فإن تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم حرام بإجماع المسلمين؛ وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "وَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِشَعَائِرِ الْكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ فَحَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ مِثْلَ أَنْ يُهَنِّئَهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ وَصَوْمِهِمْ، فَيَقُولَ: عِيدٌ مُبَارَكٌ عَلَيْكَ، أَوْ تَهْنَأُ بِهَذَا الْعِيدِ، وَنَحْوَهُ، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الْكُفْرِ فَهُوَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ، بَلْ ذَلِكَ أَعْظَمُ إِثْمًا عِنْدَ اللَّهِ وَأَشَدُّ مَقْتًا مِنَ التَّهْنِئَةِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَارْتِكَابِ الْفَرْجِ الْحَرَامِ وَنَحْوِهِ.

 

وَكَثِيرٌ مِمَّنْ لَا قَدْرَ لِلدِّينِ عِنْدَهُ يَقَعُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَدْرِي قُبْحَ مَا فَعَلَ، فَمَنْ هَنَّأَ عَبْدًا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ كُفْرٍ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمَقْتِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ".

 

ومن الأدلة التي توضح تحريم تهنئة الكفار بأعيادهم:

قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51].

 

وتهنئة الكفار بأعيادهم إقرار لهم على باطلهم وكفرهم، وموالاة لهم في دينهم وعقيدتهم.

 

وقال تعالى في آيات وصف عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾ [الفرقان: 72]؛ قال مجاهد وغيره في تفسيرها: "إنها أعياد المشركين".

 

هذا، والنصارى يحتفلون في عيد الكريسمس بيومٍ، يزعمون أنه يومُ مولدِ ابن الله، ﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 43]؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [التوبة: 30].

 

وقال تعالى: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [مريم: 88 - 95].

 

وقال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1 - 4].

 

وقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قَالَ اللَّهُ: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَزَعَمَ أَنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لِي وَلَدٌ، فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً، أَوْ وَلَدًا)).

 

وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُاللَّهِ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ)).

 

اللهم إنا نُشْهِدُك، ونشهد حملة عرشك، وملائكتك، وجميع خلقك أنك أَنت الله لَا إِلَهَ إِلَّا أنت وَحْدَك لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُاللَّهِ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، اللهم إنا نبرأ من الكفار وأعيادهم، ونسألك مخالفتهم، واتباع سبيل المؤمنين.

 

اللهم ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7].

 

اللهم أحينا على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وتوفنا على ملته، وأعذنا من مضلات الفتن.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، وانصر عبادك المجاهدين، يا رب، وحد صفوف المسلمين، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين.

 

اللهم ردنا إليك ردًّا جميلًا، ورد المسجد الأقصى للمسلمين يا رب العالمين.

 

اللهم ارحم عبادك المستضعفين المظلومين في كل مكان يا رب العالمين.

 

اللهم وفق أولي الأمر منا لكل طاعة وبر وإحسان، وجنبهم كل معصية وطغيان وكفران.

 

اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم، واصرف عنهم شرارهم.

 

اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقضِ الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين.

 

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، وللمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

 

﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74]، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

 

"اللَّهمَّ زيِّنَّا بزينةِ الإيمانِ واجعَلنا هداةً مُهتدين".

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].



[1] أصل هذه الخطبة مقالان منشوران على شبكة الألوكة:

الأول: الخلط بين الأديان والدين الإبراهيمي "الجديد"، على الرابط التالي:

https://www.alukah.net/sharia/0/142586/

الثاني: رسالة لمن يحتفل بعيد الكريسمس أو يهنئ الكفار به، على الرابط التالي:

https://www.alukah.net/spotlight/10916/144047/

[2] أُلقيت هذه الخطبة يوم الجمعة 1443/05/20هـ، بمسجد الإمام الذهبي بمدينة جدة، ويمكن مشاهدتها على الرابط التالي:

https://youtu.be/WtPsLZOcLMk





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الكريسمس.. يوم الشتيمة
  • رسالة لمن يحتفل بعيد الكريسمس أو يهنئ الكفار به

مختارات من الشبكة

  • الخلط بين الأديان والدين الإبراهيمي "الجديد"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جواب شبهة: نقصان الدين قبل نزول آية الإكمال واختلاف العلماء على مسائل الدين مع كمالها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إجازة بخط الحافظ شمس الدين السخاوي (831هـ - 902هـ) لتلميذه جمال الدين القرتاوي سنة (899هـ)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قصيدة ثائية في أسماء المجددين وأن منهم الحافظ السيوطي جلال الدين للعلامة بدر الدين الغزي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العلامة جلال الدين السيوطي في عيون أقرانه ومعاصريه (1) علاء الدين المرداوي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إجازة الإمام علم الدين البلقيني لتلميذه العلامة جلال الدين السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إجازة الإمام محيي الدين الكافيجي لتلميذه العلامة جلال الدين السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إجازة الإمام شمس الدين السيرامي لتلميذه العلامة جلال الدين السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من تراجم الشعراء: البهاء زهير - ابن سناء الملك - نجم الدين - مهذب الدين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من تراجم الشعراء: صلاح الدين الصفدي - صفي الدين الحلي - ابن سعيد المغربي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب